استكمالاً لما بدئناه من الحديث عن حقوق العمال في نظام العمل السعودي في الأجزاء الثلاثة السابقة فسوف نتحدث في المقال الحالي عن أبرز حقوق العمال التي وردت في الباب الثامن والباب التاسع من نظام العمل وذلك فيما يلي:
أولاً: حقوق العامل في المنشآت ذات المخاطر الكبرى
في المنشآت ذات المخاطر الكبرى ولأغراض حماية العمال فيقع على عاتق صاحب العمل القيام بحفظ المنشأة في حالة صحية ونظيفة، والاهتمام بالإنارة وتوفير وجود مياه تصلح للشرب والاغتسال، وعديد قواعد الحماية والسلامة التي يصدر بها الوزير أمراً.
وقد ألزم النظام أصحاب الأعمال أن يتخذوا اللازم من التدابير بغية حماية العمال من الأخطار والأمراض التي تنجم عن العمل.
ومن حقوق العمال أن يُعلن لهم في مكان ظاهر التعليمات المتعلقة بسلامة العمل والعمال، وذلك باللغة التي يفهمها العمال، كما أن تكاليف هذه الحماية مجانية تماماً.
وصاحب العمل يتحمل إعلام وإخبار العامل بالمخاطر ذات الصلة بمهنته وعليه أن يوفر أدوات الوقاية الشخصية المناسبة للعمال، أن يقوم بتدريبهم على استخدامها قبل البدء في العمل.
ومن حقوق العمال في وسائل الأمان والتأمين أنه يجب أن تهيأ لهم الوسائل الفنية لمكافحة الحريق، وأن تكون منافذ النجاة مؤمنة وصالحة للاستعمال في كل وقت وتحت أي ظرف كان.
وفي حال أن أصيب العامل بإصابة متعلقة بالعمل، أو بمرض مهني، فيكون صاحب العمل هو الملزم بتوفير كافة ما يتعلق بعلاجه من نفقات.
وحالة الانتكاس أو أي مضاعفة تترتب عليها تُعتبر في حكم الإصابة، ويسري عليها بالنسبة للمعونة والعلاج ما يسري على الإصابة الأصلية.
والحصول على معونة مالية حق أصيل للعامل المصاب في حال حدوث عجز مؤقت ناتج عن إصابة عمل، وهي تعادل أجره كاملاً لمدة شهرين تقريبا، كما يكون مستحقاً لمقابل مالي يعادل (75%) من أجره طوال المدة التي يستغرقها علاجه.
ويتقرر العجر الكلي للإصابة في حال وصلت مدة العلاج لسنة، أو صدر تقرير طبي بعدم وجود جدوى من علاجه، وحالته الصحية لا تمكنه من العمل، وينهي العقد ويعوض عن الإصابة، ولا يكون لصاحب العمل حق في استرداد ما دفعه إلى المصاب خلال تلك السنة.
وإذا ترتب عن الإصابة عجز دائم كلي، أو أدت الإصابة إلى وفاة المصاب، فللمصاب أو المستحقين عنه الحق في تعويض يقدر بما يعادل أجره عن مدة ثلاث سنوات بحد أدنى قدره أربعة وخمسون ألف ريال.
ولكن إذا نتج عن الإصابة عجز دائم جزئي، فللمصاب الحق في أن يحصل على تعويض معادل لنسبة ذلك العجز المقدر.
ولكن إذا ثبت أن العامل تعمد إصابة نفسه أو أن الإصابة حدثت بسبب سوء سلوك متعمد من العامل، أو أنه تقاعس عن عرض نفسه أمام طبيب متخصص، أو رفض قبول معالجة الطبيب المكلف بعلاجه من قبل صاحب العمل دون مسوغ مشروع فلا يكون صاحب العمل ملزما بما كلفه به النظام تجاه العامل من التزامات وحقوق.
وتجهيز خزانة أو أكثر للإسعافات الطبية الضرورية من حقوق العمال التي يتعين على صاحب العمل توفيرها.
ويجب أن يتعرض العمال المعرضون لاحتمال الإصابة بأحد الأمراض المهنية المحددة في جداول الأمراض المهنية – المنصوص عليها في نظام التأمينات الاجتماعية – لفحص دوري شامل ولمرة واحدة كحد أدنى في السنة من قبل طبيب متخصص.
كما أن العناية الصحية الوقائية والعلاجية طبقاً لمستويات محددة من حقوق العمال على صاحب العمل.
والعمال الذين يؤدون الأعمال في الأماكن البعيدة عن السكان يكونون ملزمون من أصحاب الأعمال بتوفير العديد من الخدمات كإعداد برامج محو الأمية، أو توفير مساجد أو مصليات في أماكن العمل، أو مدارس لتعليم أولاد العمال إذا لم يتوافر مدارس كافية في منطقة العمل، وتوفير وسائل الترفيه والتثقيف، والترتيبات الطبية المناسبة للحفاظ على صحة العمال وأسرهم.
وفي الأماكن البعيدة عن العمران كالمناجم والمحاجر ومراكز التنقيب عن النفط فأصحاب الأعمال ملزمون بتوفير المساكن والمخيمات والوجبات الغذائية ووسائل الانتقال المنتظمة والمحددة بدقة للعمال.
ثانياً: حقوق المرأة العاملة كما ورد في الباب التاسع من نظام العمل
يمكن الوصول إلى معنى محدد لمفهوم المرأة العاملة في التنظيم السعودي ومفاده أن المرأة العاملة هي كل أنثى تعمل لصالح رب عمل وتحت إدارته وإشرافه مقابل أجر سواء في القطاع العام أو القطاع الخاص.[1]
وقد أحاطت تشريعات العمل على المستوى العربي وعلى المستوى الدولي عقد العمل بضمانات فعلية، تمثلت بإلزام صاحب العمل بتأدية جملة من الحقوق للعامل بوجه عام، وللمرأة العاملة بوجه خاص، بالإضافة إلى تحديد نطاق انطباق تشريعات العمل الصادرة على المستوى الوطني والصادرة على المستوى الدولي كاتفاقيات العمل المختلفة.[2]
ومن حقوق المرأة العاملة في نظام العمل السعودي أنه حينما تكون المرأة العاملة في مرحلة وضع الطفل فيكون لها الحق في إجازة وضع كاملة الأجر لمدة عشر أسابيع وتستخدم تلك الإجازة أو توظفها بحسب ظروفها، والإجازة تبدأ بحد أقصى شهر من تاريخ الوضع المتوقع، والتاريخ المرجح للوضع يتحدد بموجب شهادة طبية مصدقة من جهة صحية.
ومن حقوق المرأة العاملة أنه لا يجوز تشغيلها بعد الوضع مهما كانت ظروف العمل وذلك في خلال شهر ونصف من تاريخ الوضع، كما يكون للمرأة العاملة الحق في تمديد الإجازة مدة شهر بدون أجر.
وللمرأة العاملة الحق في إجازة مدتها شهر بأجر كامل تبدأ بعد انتهاء مدة إجازة الوضع وذلك في حال أن أنجبت طفلاً مريضاً أو من ذوي الاحتياجات الخاصة وحالته الصحية تتطلب مرافقة مستمرة، كما يجوز لها تمديد الإجازة لمدة شهر دون أجر، ويقع على عاتق صاحب العمل توفير الرعاية الطبية لها أثناء الحمل والولادة.
وبعد عودة المرأة العاملة للعمل بعد إجازة الوضع فيكون لها الحق أن تأخذ فترات أو فترة راحة إضافية في حال رغبتها في إرضاع مولودها بشرط ألا تتجاوز تلك الفترة في مجموعها ساعة يومياً، ولا يترتب على ذلك تخفيض أجرها، كما أن من حقوقها في توفير راحتها سواء في فترة الحمل والرضاعة أو في غيرها من فترات أن يتم توفير مقاعد مناسبة ومريحة للنساء العاملات في أي مهنة كانت.
ومن حقوق المرأة العاملة أثناء حملها أو في فترة تمتعها بإجازة الوضع أنه لا يجوز لصاحب العمل فصلها أو إنذارها بالفصل ويشمل ذلك مدة مرضها الناشئ عن الحمل أو فترة ما بعد الوضع.
وتوفير عدد كافي من المربيات من حقوق العاملات على كل صاحب عمل إذا كان يشغل في مؤسسته أو شركته أو مصنعه خمسين عاملة أو يزيد، والهدف من ذلك يكون رعاية أطفال العاملات الذين تقل أعمارهم عن ست سنوات، ولكن يشترط لتطبيق ذلك أن يكون عدد الأطفال عشرة فأكثر.
وفي حال ما إذا كانت هناك جدوى أو ضرورة ترتئيها وزارة العمل فيجوز للوزير إلزام صاحب العمل الذي يعمل لديه في مؤسسته مائة عاملة فأكثر وفي مدينة واحدة الآتي:
- أن ينشئ دارًا للحضانة بنفسه أو بالمشاركة مع أصحاب عمل آخرين في المدينة نفسها.
- أن يتعاقد مع دار للحضانة قائمة لرعاية أطفال العاملات الذين تقل أعمارهم عن ست سنوات وذلك أثناء فترات العمل، وذلك وفق شروط تنظيمية وتكاليف محددة.
وحين يتوفى زوج المرأة العاملة المسلمة فيكون لها الحق في إجازة عدة بأجر كامل لمدة لا تقل عن أربعة أشهر وعشرة أيام وتحسب من تاريخ الوفاة.
وفي حال أن كانت حاملاً فيكون لها الحق في تمديد هذه الإجازة ولكن بدون أجر – خلال هذه الفترة – إلى أن تقوم بوضع حملها.
ولم يغفل المشرع السعودي عن حقوق المرأة العاملة غير المسلمة التي يتوفى زوجها فجعل لها الحق في إجازة بأجر كامل لمدة خمسة عشر يوماً.
[1] جدعان بن عبد الله السعدون، حماية المرأة العاملة في نظام العمل السعودي، رسالة ماجستير، ص 11
[2] محمد حسين منصور، قانون العمل، المطبوعات الجامعية، الإسكندرية، 1997، ص97