النسب من الدعائم التي تقوم عليها الأسرة، وكما الأب بعض من ولده فالولد جزء من أبيه، ولذلك تعتبر نعمة الولد من أعظم نعم الرب على عبادة، ولولا ذلك لتفككت الأسرة وزالت وذبلت الصلات واختفى أي أثر لها، وكان فضل الله على الإنسان بالنسب عظيماً ولهذا جاء في القرآن الكريم: ” وهو الذي خلق من الماء بشراً فجعله نسباً وصهراً وكان ربك قديراً”.

ولأجل قدسية صلة النسب فقد مُنع الآباء من إنكار نسب الأولاد لقوله صلى الله عليه وسلم: ” أيما رجل جحد ولده وهو ينظر إليه احتجب الله منه وفضحه على رؤوس الأولين والآخرين يوم القيامة “، كما مُنع عن الأبناء أن يدعوا لغير آبائهم امتثالاً لقول الرسول صلى الله عليه وسلم: ” من ادعى إلى غير أبيه وهو يعلم فالجنة عليه حرام”. ومن ثم فقد تم تحريم أن يُنسب النساء الولد لغير والده الحقيقي.

وفيما يلي سنتناول أهم وأبرز الأحكام التي وردت عن النسب في نظام الأحوال الشخصية السعودي الجديد:

1 – كيف يثبت نسب الولد إلى أبيه وإلى أمه؟

أولاً: بالنسبة للأب

يُنسب الولد إلى أبيه بالولادة في عقد زواج صحيح، أو بالإقرار، أو بالبينة.

وقد عرف الحنابلة الإقرار بأنه: الاعتراف وهو إظهار الحق، ويكون لفظاً وكتابة وإشارة بفهمه “.

وإقرار النسب هو إخبار شخص بوجود صلة قرابة بينه وبين شخص آخر، وأما أن تكون قرابة مباشرة وهي الصلة القائمة بين الأصول والفروع، وإما أن تكون قرابة غير مباشرة وهي قرابة الحواشي الذي يجمعه أصل مشترك دون أن يكون أحدهم فرعاً للآخر.[1]

أما البينة فقد تعددت التعريفات الفقهية لمفهوم البينة إلى عدة معان مختلفة بين الفقهاء، ومن ذلك تعريف البينة بأنها اسم لكل ما يبين الحق ويظهره وسمى النبي صلى الله عليه وسلم بينة لوقوع البيان بقولهم، وارتفاع الإشكال بشهاداتهم.[2]

والجدير بالذكر أن الولد ينسب إلى أبيه إذا ولد حال قيام عقد الزواج الصحيح أو بعد انتهائه قبل انقضاء مدة أكثر الحمل (وهي عشرة أشهر)، ما لم يثبت عدم إمكان التلاقي بين الزوجين.

وبناء على تقرير طبي معتمد فللمحكمة سلطة جوازيه في تقرير مدة انقضاء الحمل، وهذا يعني أن تقرير الخبراء المعنيون جدير بالأخذ عند المحكمة، ولا يجوز للمحكمة أن تقرر ذلك ممن تلقاء نفسها.

وما سبق يتسق مع ما استقر عليه القضاء بناء على المبدأ القضائي رقم (566) والذي جاء نصه: ” استقر العمل على أن الدعاوى في النسب لا تسمع إلا ما كانت لسبب موجب لحقوق يلزم الفصل فيها قضاءً”.

ثانياً: بالنسبة للأم

يُنسب الولد إلى أمه بثبوت الولادة.

2 – ما هي اشتراطات ثبوت النسب بالإقرار بالبنوة ولو في مرض الموت؟

بحسب ما جاء في (المادة 69) هناك ستة اشتراطات وهي كما يلي:

  • أن يكون المقر بالغاً عاقلاً مختاراً.
  • أن يكون الولد مجهول النسب.
  • أن يصدقه المقر له إن كان بالغاً عاقلاً.
  • أن يكون فارق السن بين المقر والولد يحتمل صدق الإقرار.
  • أن يثبت أن الولادة في عقد زواج صحيح أو فاسد، إذا كان الإقرار من الأب.
  • أن يثبت الانتساب بفحص الحمض النووي.

3 – ما هي الحالات التي تأمر فيها المحكمة بإجراء فحص الحمض النووي وفق القواعد المنظمة لذلك؟

للمحكمة سلطة الأمر بذلك في الأحوال الاستثنائية أو عند التنازع في إثبات نسب الولد أو بناء على طلب جهة مختصة أن تأمر بذلك، وتحكم المحكمة بما تنتهي إليه نتيجة الفحص، ولكن يكون قرار المحكمة مقيد بالتحقق من أمرين قبل أن تصدر قرارها:

الأمر الأول: أن يكون الولد مجهول النسب.

الأمر الثاني: أن يكون فارق السن يحتمل نسبة الولد.

فإثبات النسب باستخدام البصمة الوراثية يجوز إذا كان في عقد زواج صحيح لا يكون فيه لعاناً بين الزوجين، كما يجوز في الزواج الفاسد وكذلك وطء الشبهة، وذلك
إحياءً للولد ومراعاة لحق الطفل،  وحتى تتمكن المرأة من إصلاح نفسها بعد ذلك، وذلك يكون في حال التنازع على مجهول النسب، وأيضاً حدوث نوعاً من الاشتباه في المواليد وأطفال الأنابيب، وأيضًا في حالة ضياع الأطفال وحدوث الحوادث والكوارث الطبيعية أو غير الطبيعية التي تؤدي لصعوبة التعرف عليهم، أما في حالة الزنا فلا ينسب نسب الطفل إلى الزاني بحسب الأصل بل يُنسب لأمه، وذلك لأنه يُحتاط في النسب مالا يحتاط في غيره.

4 – ما هي شروط إثبات نسب الولد إذا كان المقر امرأة؟

بحسب (المادة 71) من نظام الأحوال الشخصية ففي حال كان المقر امرأة فنسب الولد لا يُثبت من زوجها الحالي أو السابق إلا بما يلي:

  • بإقراره وفق الشروط الواردة في (المادة 69) من النظام.
  • في حال قامت البينة أن الولادة كنت في عقد زواج صحيح أو فاسد.

5 – هل تُسمع الدعوى بنفي النسب في حال إذا ثبت وفقاً لما تقضي به (المادة 67)؟

لا تُسمع الدعوى بنفي النسب إذا ثبت وفقاً لما تقضي به (المادة 67).

6 – في حال أن ثبت نسب الولد بالولادة في عقد الزواج فهل يحق للرجل أن ينفي نسب الولد إليه؟

حينها لا يكون للرجل أن ينفي نسب الولد إليه إلا باللعان، وذلك من خلال التقدم بدعوى إذا توافر الشرطين الآتيين:

الشرط الأول: أن تقدم الدعوى خلال خمسة عشر يوماً من تاريخ علمه بالولادة.

الشرط الثاني: ألا يتقدم النفي إقرار بأبوته صراحة أو ضمناً.

7 – ما هي الحالات المختلفة لدعوى اللعان؟

الحالة الأولى: المحكمة تنظر دعوى لعان لنفي نسب الولد في حال أن رُفعت بعد إجراء فحص الحمض النووي، وذلك بناء على أمر المحكمة إذا وافقت المرأة على إجرائه.

الحالة الثانية: والمحكمة تستكمل النظر في دعوى اللعان بدون فحص الحمض النووي إذا لم توافق المرأة على إجراء فحص الحمض النووي.

الحالة الثالثة: يكون اللعان لنفي نسب الولد أمام المحكمة وفق الصيغة المقررة شرعاً، وإذا حلف الرجل أيمان اللعان وامتنعت المرأة عن أدائه، فتحكم المحكمة من دون أيمانها.

8 – ما النتائج المترتبة على اللعان مع مراعاة نتيجة الفحص النووي؟

يترتب على اللعان انتفاء نسب الولد، ونسب الولد يتم إثباته ولو بعد الحكم بنفيه في حال أكذب الرجل نفسه، وبعد ذلك فإن نفيه لا يُقبل منه.

[1] أبو زهرة، الشيخ محمد، الأحوال الشخصية، دار الفكر، دمشق، سورية، ط4، 1977، ص 422.

[2] اليعمري، إبراهيم محمد بن فرحون، تبصرة الحكام في أصول الأفضلية ومناهج الأحكام، دار الكتب العلمية، بيروت، 2001، تحقيق الشيخ جمال مرعشلي، 1/172.