لا يوجد إنسان لا يلوح في خاطره فكرة الارتباط والزواج وخاصة بمن يشبه أو بمن يشابه فكره ودينه، والعزم على الزواج ينبغي أن يكون بعد أن تعد العدة لتلك الخطوة من تجهيز نفسك نفسياً ومادياً واجتماعياً وخلقياً ودينياً وذلك حتى تحظي بزواج صالح سعيد تراعى فيه حقوق الله وحقوق العباد، وإلا فعليك بمجاهدة النفس امتثالاً لقوله تعالى: ” وليستعفف الذين لا يجدون نكاحاً حتى يغنيهم الله في فضله “.[1]
وقال صلى الله عليه وسلم: ” يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنها أغض للبصر وأحصن للفرج ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء “[2]
وفيما يلي سنتناول أحكام الخطبة التي وردت في نظام الأحوال الشخصية السعودي الجديد وذلك فيما يلي:
1 – ما هو تعريف الخطبة وفق نظام الأحوال الشخصية السعودي الجديد؟
عرف النظام الخطبة بأنها: الخطبة هي طلب الزواج والوعد به.
وبحسب الشريعة الإسلامية فالخطبة ليست عقداً بين الخاطب وبين المخطوبة أو وليها، كما أنها ليست وعداً من الخاطب بالزواج كما أنها ليست تواعداً بين كلاً من الخاطب والمخطوبة أو وليها على الزواج، ولكن معناها لا يتخطى مجرد طلب الزواج.
لأن الخطبة تتم بمجرد هذا الطلب والأصل في العقد أن يتم بإيجاب وقبول، وقبول الفتاة أو أهلها ما طلبه الخاطب من الزواج لا يعني قيام عقد بينهما، وإنما يعني مجرد ترشيح الفتى زوجاً في المستقبل، ثم إن الخاطب في الأصل عندما يطلب الفتاة للزواج لا يعدها ولا يعد أهلها بالزواج، وإنما يخطبها ليستكمل التعرف عليها ثم يقرر بعد ذلك ما إذا كان سيتزوج بها بالفعل أم يعدل عن طلبه الزواج بها، كذلك قبول الفتاة للخطبة أو قبول أهلها لا يعني – في الأصل – وعداً منهم بتزويج الخاطب، وإنما يعني ترشيحه زوجاً في المستقبل مع رغبتهم في التعرف عليه والتأكد من مدى استجابته لمطالبهم ثم يقرروا بعد ذلك رضاهم بالفتى زوجاً مستقبلاً للفتاة أو رفضهم طلب الزواج بها، وبالتالي فلا وعد ولا مواعده.[3]
ولكن رغم ذلك فليس هناك مانع شرعي أن تقترن الخطبة بوعد أو تواعد على الزواج، فكثيراً ما تقترن الخطبة بذلك، وهذا ما جعل البعض يتصور أن الخطبة وعد بالزواج، ولكن الأصح أن الخطبة هي طلب الزواج، ما لم يكن هذا الطلب مقروناً بوعد صريح بالزواج، ولكن إذا افترضنا أن الخطبة هي وعد أو تواعد على الزواج فهذا لا يرتب ثمة آثار أكثر من طلب الزواج، ولا يكون هناك أي إلزام على الشاب أو الفتاة أو الخاطب والمخطوبة.
كما أنه في عرف بعض المجتمعات فالخطبة تعني تواعد على زواج مقترن بلبس خاتم، فالخطبة في تلك الحالة لها طابع شكلي، بحيث لا يكفي فيه تبادل الوعد بالزواج، وإنما يتعين أن يظهر لعامة الناس في صورة لبس خاتم.
2 – ما هي المسمى النظامي لما يتم تقديمه بين الخاطب والمخطوبة خلال فترة الخطبة؟
بحسب النظام فإن كل ما يُقدمه الخاطب أو المخطوبة خلال فترة الخطوبة يُعتبر هدية، ولكن إذا صرح الخاطب أن ما يقدمه هو مهر، أو كان هناك عرف يجري بين الأهل أو القبيلة أن ما يتم تقديمه هو مهر ولو بدون تصريح بذلك.
والجدير بالذكر أن تعريف الهدية هو: ما يقدمه الخاطب من أشياء تودداً وإكراماً أو إسهاماً بفرح أو استدراكاً للعطف.
كما أن تعريف المهر هو: المهر من المسائل العرفية فيجوز أن يُدفع قبل العقد أو حين العقد أو بعد العقد، والمهر بحسب الإصلاح هو المال الذي تستحقه الزوجة على زوجها بالعقد عليها أو بالدخول بها حقيقة.
3 – إلى من تؤول الهدية في حال أن عدل أي من الخاطب أو المخطوبة عن الخطبة؟
في حال أن عدل الخاطب أو المخطوبة عن الخطبة بسبب يعود إليه فحينها لا يكون له الحق في الرجوع في الهدية التي قدمها، كما أن للطرف الآخر الحق في استرداد ما قدمه له من هدية إن كانت موجودة فإن لم تكن موجودة فبهدية مثلها، أو تعادل قيمتها يوم أن تم قبضها، ولكن إذا كانت الهدية من النوع الذي يُستهلك بطبيعته كهدايا المأكولات فلا تسترد.
4 – ما هو الموقف النظامي في حال أن انتهت الخطبة بالوفاة أو بسبب لا يعود لأي طرف من الطرفين؟
في تلك الحالة لا يُسترد أي شيء من الهدايا.
5- متى يحق للخاطب أو لورثته الرجوع فيما سلم من مال على أنه من المهر؟
بحسب ما جاء في (المادة 5) من النظام فيحق له ذلك في حال أن عدل أي منهم عن إبرام عقد الزواج أو مات قبل العقد، وكان الخاطب قد سلم إلى مخطوبته قبل العقد مالاً على أنه من المهر، فحينها يحق له أو لورثته الرجوع فيما سلم بعينه إن كان قائماً، فإن لم يكن قائماً فبمثله، أو بقيمته يوم القبض.
6 – ما موقف النظام إذا كانت المخطوبة قد اشترت بالمهر أو بعضه لمصلحة الزواج وفق ما جرى به العُرف وحدث عدول عن الخطبة؟
في حال أن كان العدول من الخاطب بلا سبب من قبلها، أو سواء كان العدول منها بسبب يعود للخاطب، فيكون لها الخيار بين إعادة المهر أو تسليم ما قامت بشرائه على حالته كما هو.
[1] الآية 33 سورة النور- والنكاح هو الزواج.
[2] صحيح مسلم بشرح النووي، ط 1347 بمصر ج 9 ص 127.
[3] عبد الناصر توفيق العطار، خطبة النساء في الشريعة الإسلامية والتشريعات العربية (للمسلمين وغير المسلمين)، ص 6