عنيت الشريعة الإسلامية بكل ما يتعلق بشؤون الطفل، ووفرت له من أسباب الحفظ والسلامة ما يقيه تقلبات الدهر، كما أنها ألزمت أبويه برعايته وتنشئته تنشئة سليمة في ظل بيئة صالحة يحيطها الرفق واللين.
ولما كانت الدنيا دار بلاء وكبد ولما كان الأطفال هم أشد خلق الله لطفاً وبراءة لذا لذم أن تتوافر لهم كافة سبل العناية والتنشئة الإنسانية، ومن أجل ذلك ألزم الله سبحانه وتعالى حضانتهم وجعلها بين الأم والأب في ظل الحياة الزوجية القائمة، وجعل أم المحضون أولى الناس به في حال افتراق الزوجين نظراً لما أودع الله فيها من فرط شفقة ومزيد حنان ولتعلق الطفل بها، كما أن حضانة الطفل تتغير وفق أحوال أخرى.
وفيما يلي سنتناول كافة الأحكام التي وردت في نظام الأحوال الشخصية المتعلقة بالحضانة وذلك في صورة سؤال وجواب:
1 – ما هو تعريف الحضانة؟
عرف الحنابلة الحضانة بأنها: حفظ من لا يستقل بنفسه، وتربيته حتى يستقل بنفسه.
كما عرفوها بأنها: حفظ صغير ومعتوه، ومجنون عما يضرهم، وتربيتهم بعمل مصالحهم.
والتعريفات السابقة تتفق على أن مدار الحضانة هو الحفظ، والرعاية، وكذلك التغذية والتنظيف، وما في معناها، كما يتضمن التربية، وكفه عن الأضرار والعادات السيئة.
وقد جاء تعريف الحضانة وفقاً للنظام السعودي كالآتي: الحضانة هي حفظ من لا يستقل بنفسه عما يضره، وتربيته والقيام على مصالحه بما في ذلك التعليم والعلاج.
ويُفهم من التعريف السابق أن العبرة في الحضانة هي مصلحة المحضون.
2 – ما هي الشروط الواجب توافرها في الحاضن؟
يتعين أن يتوافر في الحاضن الشروط الآتية:
- أن يكون كامل الأهلية
- أن يمتلك القدرة على تربية المحضون وحفظه ورعايته.
والجدير بالذكر أن القدرة هنا تشمل عدة جوانب كالوقت والمال والدين والخلق والتربية.
- السلامة من كافة الأمراض المعدية الخطيرة.
والجدير بالإشارة أن من تزوج وفق أحكام النظام يكتسب أهلية التقاضي في كل ما له علاقة بالزواج وآثاره: إذا كان عاقلاً.
فالحضانة لا تثبت لفاسق ولا لعاجز عنها كالأعمى.
3 – هل تتغير شروط الحضانة إذا ما كان الحاضن رجلاً أو أنثى؟
عنم تتبدل ففي حال كان الحاضن امرأة فيتعين أن تكون غير متزوجة برجل أجنبي عن المحضون، وذلك ما لم تكن تستوجب مصلحة المحضون غير ذلك.
ولكن إذا كان الحاضن رجلاً فحينها يتعين أن يكون ذو رحم محرم للمحضون في حال كان أنثى، وأن يقيم عند الحاضن من يُصلح للحضانة من النساء.
4 – على من تقع مسؤولية حضانة المحضون؟
الحضانة تكون من مسؤولية أو واجبات الوالدين معاً طالما كانت علاقة الزوجية قائمة بينهما، ولكن إن حدث وأن افترقا فحينها تكون الحضانة للأم، ثم الأحق بها على ما يلي من ترتيب: الأب، ثم أم الأم، ثم أم الأب، ثم تقرر المحكمة ما ترى فيه مصلحة المحضون.
5- هل للمحكمة سلطة جوازية في تغيير ترتيب أحقية حضانة المحضون؟
نعم للمحكمة أن تقرر وفق سلطتها التقديرية ووفقاً لمصلحة المحضون أن تعطي الحضانة للأحق والأنسب وفق معطيات الواقع والظروف ولا تكون مقيدة بالترتيب الوارد في (الفقرة 1) من (المادة 127).
وقد ورد في المبدأ القضائي رقم (574) ما نصه: ” الأم أحق بكفالة القاصر إذا كانت صالحة للحضانة، سواء كان ذكراً أو أنثى “.
6 – ما هي حالات سقوط الحق في الحضانة؟
الحق في الحضانة يسقط في الحالات الآتية:
الحالة الأولى: إذا تخلف شرط من الشروط الواردة في (المادة 125 و126) من هذا النظام.
الحالة الثانية: إذا انتقل للإقامة في مكان ما لا تتوافر فيه مصالح المحضون سواء أكانت مصالح تعليمية أو صحية أو غيرها من أنواع المصالح.
الحالة الثالثة: في حال أن سكت مستحق الحضانة عن أن يُطالب بها لمدة تتخطى سنة دون عذر مشروع فإن الحضانة، وذلك مالم تقتضي مصلحة المحضون غير ذلك.
ولمن سقط حقه في الحضانة إمكانية التقدم إلى المحكمة بطلبها مجدداً إذا زال سبب سقوطها عنه.
وذلك مع مراعاة ما تقضي به الأنظمة الأخرى ذات الصلة.
7 – ما هي المدة الممنوحة للحاضن – إذا كان أحد الوالدين – للسفر بالمحضون خارج المملكة؟
الحاضن إذا كان أحد الوالدين لا يجوز له السفر بالمحضون خارج المملكة مدة تتخطى تسعين يوماً من تاريخ السنة دون موافقة الحاضن الآخر، وفي حال أن كان الوالد متوفي فالولي على النفس هو من يتوجب أخذ موافقته.
8- ما هي المدة الممنوحة للحاضن – إذا كان من غير الوالدين – للسفر بالمحضون إلى خارج المملكة؟
الحاضن إن كان من غير الوالدين فلا يحق له السفر بالمحضون خارج المملكة فترة زمنية تتجاوز ثلاثين يوماً في السنة إلا بموافقة الوالدين أو أحدهما في حال وفاة الآخر، وفي حال وفاتهما فموافقة الولي على النفس مطلوبة.
وذلك مع مراعاة ما تقضي به الأحكام النظامية ذات الصلة.
9- إلى من تؤول الحضانة إذا لم يطلبها أحد مستحقيها؟
الحالة الأولى: في حال لم يتجاوز سن المحضون العامين فتكون الأم هي الملزمة بها إن وجدت،
ويكون الأب هو الملزم في حال لم تتواجد الأم.
الحالة الثانية: في حال أن تخطى سن المحضون العامين، فيكون الأب هو المُلزم بها إن وجد، وإن لم يكن الأب موجوداً فتلزم بها الأم.
الحالة الثالثة: في حال لم يوجد أي من الوالدين، فللمحكمة سلطة تقديرية في اختيار من تراه صالحاً من أقارب المحضون، أو غيرهم، أو جهة من الجهات المؤهل لهذا الغرض.
10 – هل تسقط الحضانة عن الأم إن تركت بيت الزوجية بسبب خلاف نشب بينها وبين زوجها أو لسبب آخر؟
لا يسقط حق الأم في الحضانة لهذا السبب، ما لم تكن مصلحة المحضون تقتضي سقوط الحضانة.
11 – في حال أن كان المحضون في حضانة أحد الوالدين فهل يجوز للآخر زيارته؟
نعم يجوز زيارته واستصحابه بحسب ما يتفقان عليه، وتقرر المحكمة ما تراه مناسباً إذا لم يتوصل الزوجان إلى اتفاق بينهما.
12 – ما هي الحالات التي تُعين فيها المحكمة مستحق الزيارة من أقارب المحضون؟
الحالة الأولى: إذا كان أحد والدي المحضون متوفي أو غائب، فالمحكمة تُعين مُستحق الزيارة وفق مصلحة المحضون.
الحالة الثانية: إذ كانت حضانة المحضون في حوزة غير الوالدين، فللمحكمة سلطة تقديرية في تعيين مستحق الزيارة وفق ما تقتضي به مصلحة المحضون.
13 – إلى من تؤول الحضانة إذا كان المحضون مجنوناً أو معتوهاً أو مريضاً مقعداً؟
في تلك الحالة فإن الحضانة تستمر وفق ما يلي من ترتيب:
أولاً: من واجبات الوالدين ما دامت الزوجية قائمة بينهما.
ثانياً: إن افترقا فالحضانة تؤول للأم.
ثالثاً: ثم الأحق بها وفق الترتيب التالي:
- الأب.
- ثم أم الأم.
- ثم أم الأب.
وللمحكمة أن تقرر خلاف الترتيب السابق إذا ما كانت مصلحة المحضون تقتضي ذلك.
14 – ما هو السن الذي يكون للمحضون فيه حرية الاختيار في الإقامة لدى أحد والديه؟
للمحضون حرية الاختيار في الإقامة لدى أحد والديه إذا أتم خمسة عشر عاماً مالم تكن مصلحته تقتضي غير ذلك.
15 – ما هو السن القانوني الذي تنتهي عنده حضانة المحضون؟
تنتهي حضانة المحضون عندما يبلغ ثمانية عشر عاماً.