“أسمى مهنة في الوجود” هكذا عرف فولتير المحاماة، فهي رسالة الحق التي بها يُنصر المظلوم على الظالم، بل هي رسالة السلام التي بها نستطلع الحقائق ونوازع النفوس ودوافعها.

وهي مهنة الفرسان والشجعان والتي لا يعمل بها إلا من كان ذكياً شريفاً، ذلك لأن كما أن هناك قاضيان في النار وقاض في الجنة، فالأمر سيان بالنسبة للمحامي إن أخطأ الطريق وجلب ما ليس لموكله من حقوق أو أوقع على خصومة مالا يستحقونه من التزامات.

ولاهتمام المشرع السعودي بالمهنة ومواكبة منه للتطورات والمستجدات وتماشياً مع ثورة التحديث في المملكة العربية السعودية فقد تم تعديل نظام المحاماة مؤخراً، وشمل التعديل المواد الآتية:

  • (المادة 3)
  • (المادة 18)
  • (المادة 29)
  • (المادة 30)
  • (المادة 41)

كما تم استحداث (المادة 21) مكرر، وباباً جديداً من (المواد 44 حتى 55) لتنظيم عمل المكاتب والشركات الأجنبية المزاولة لمهنة المحاماة.

وفيما يلي سنتناول تعريفاً مختاراً لمهنة المحاماة وأهمية تلك المهنة العظيمة باختصار قبل أن نتطرق للحديث عن المواد المُعدلة أو المُستحدثة.

أولاً: تعريف مهنة المحاماة وأهميتها

عرفها الباحثون والشُراح في عدة تعريفات منها أنها: ” المهنة التي من خلالها يستطيع صاحبها وهو المحامي أن يحمي الضعفاء والأرامل واليتامى ويدافع عن القضايا العادلة، ويخلص المظلوم والبائس ويرد الحقوق المغتصبة لأصحابها، فيُسمع صوتهم لممثلي العدالة ويقوي حجتهم، ويدفع عنهم كيد الكائدين، ويكشف ستر المتأمرين”.[1]

وأما عن أهمية مهنة المحاماة فهي ضرورة أوجدها الواقع وخلقتها الظروف وكما كانت وستظل مهنة الأنبياء، ولا غنى عنها لكائن مهما كان، فنظراً لاتساع رقعة الدولة وتضارب المصالح وانشغال الناس في أعمال كل بحسب وظيفته فما كان من مفر لمتخصصين لقضاء حاجاتهم القانونية وحل مشكلاتهم والدفاع عن حقوقهم، وبخاصة مع المستجدات التي تواكب المجتمع وفي ظل نظام العولمة والانفتاح الذي خلق بدوره مشكلات قانونية جديدة تطلبت وجود المحامين بشكل أوسع من ذي قبل.

ثانياً: التحديثات التي طرأت على نظام المحاماة الجديد

  • الفترة المطلوبة لمزاولة المهنة:

فيما يتعلق بتعديلات (المادة 3) فقد عُدلت فترة الترخيص المطلوبة لمزاولة مهنة المحاماة بحيث أنه كان يتطلب فيما قبل فترة خبرة لا تقل عن ثلاث سنوات للحاصلين على درجة البكالوريوس، ولكن بعد التعديل الأخير أصبحت الفترة سنتين فقط، ولكن في حال الحصول على درجة الماجستير أو الدكتوراه فهناك اشتراطات خاصة لذلك.

  • عمل الوكيل الشرعي

كان يُسمح للوكيل الشرعي بمباشرة ثلاثة قضايا سنوياً كحد أقصى يقوم فيها بالترافع عن الغير أمراً يثير استياء المحامون لأنه يسمح لغيرهم بممارسة مهنتهم، ولكن تم إلغاء عمل الوكيل الشرعي بعد تعديل (المادة 18).

  • قواعد التدريب

وضع النظام الجديد قواعد متعلقة بالتدريب واعتبر التدريب مساهماً في فترة الخبرة لتقليص الفترة المطلوبة لمزاولة المهنة يحددها وزير العدل بالتنسيق مع الهيئة السعودية للمحامين وهيئة تقويم التعليم والتدريب، وذلك في البند (3) من الفقرة (ج) من (المادة 3) للنظام المُعدل.

  • اشتراط الحصول على العضوية

 أُضيفت (المادة 21 مكرر) للنظام واشترطت على كل مرخص له بمزاولة مهنة المحاماة أن يحصل على العضوية الأساسية للهيئة السعودية للمحامين في مدة أقصاها (تسعين) يوماً من تاريخ حصوله على رخصة مزاولة مهنة المحاماة.

  • جزاءات على الشركات الأجنبية المُخالفة

وفقاً للفقرة الثانية من (المادة 29) من نظام المحاماة فأنه يُشطب مكتب المحاماة الأجنبي المُرخص له من سجل مكاتب المحاماة الأجنبية، ويلغى ترخيصه؛ في حال صدور حُكم نهائي على أي شريك في المكتب والمقيم في المملكة أو مديره أو أحد منسوبيه بعقوبة في جريمة تمُس الشرف والأمانة مع اشتراط أن تكون الجريمة قد ارتكبت بعلمه الكافي النافي للجهالة ولصالح المكتب.

  • حق رفع الدعوى التأديبية

 (المادة 30) قبل تعديلها كانت تُعطي للمدعي العام حق رفع الدعوى التأديبية على المحامي إما من تلقاء نفسه أو بناء على طلب من وزير العدل أو أي محكمة أو من ديوان المظالم، أو أي من اللجان التي ذُكرت في المادة الأولى من نظام المحاماة، ولكن التعديل الأخير سحب هذا الحق من المدعي العام وخوله لوزير العدل وحده بحيث يكون من صلاحياته إصدار قواعد وإجراءات الضبط ورفع الدعوى التأديبية ونظرها بما يتناسب مع طبيعتها.

  • الانتظام بالحضور في المكتب

كان يشترط القانون المُعدل في (المادة 41) انتظام المحامي صاحب الترخيص بالحضور في المكتب، والتوقيع على كافة المراسلات التي تصدر من المكتب ذات الصلة بالقضايا التي يباشرها المكتب، ولكن تم إلغاء تلك الفقرة بعد التعديل الأخير.

  • تنظيم سجل خاص بوزارة العدل للمحامي غير السعودي

بهدف التنظيم والحوكمة أضيفت فقرة (للمادة 41) تُعطي لوزارة العدل حق إنشاء سجل خاص للمستشارين النظاميين أو الشرعيين غير السعوديين، وتقيد أسمائهم بعد استيفائهم لشروط مزاولة المهنة في المملكة بحسب اتفاقيات المملكة مع الدول الصديقة وفق قواعد المعاملة بالمثل، أما البيانات الواجب توافرها في السجل فاللائحة التنفيذية هي وحدها من تحددها.

  • تنظيم عمل المكاتب والشركات الأجنبية لمزاولة مهنة المحاماة داخل المملكة

بداية من (المادة 44) حتى (المادة 55) تم وضع قواعد وشروط عمل مكتب المحاماة الأجنبي، ومن أهم ما ذُكر سمعة المكتب الأجنبي واشتراط مدة محددة لتأسيسه، أي يكون له سابق عمل في المهنة خارج المملكة، واشتراط سداد الرسوم، والجهة المنوط بها استقبال طلبات الترخيص وتجديده ومدة الترخيص، وقواعد توطين المحامين السعوديين داخل تلك الشركات وأسباب انقضاء الترخيص، وغيرها من القواعد.

[1] محمد المسردي، حقوق المحامي وواجباته في النظام الموحد للمحاماة في مجلس التعاون لدول الخليج العربية، دراسة مقارنة لنظام المحاماة في السعودية، جامعة نايف للعلوم الأمنية ، 2005، ص 10